نضال ضد الإقصاء والتهميش.. نساء سوريات يبحثن عن مستقبل أفضل
نضال ضد الإقصاء والتهميش.. نساء سوريات يبحثن عن مستقبل أفضل
في زاوية منسية من الحرب السورية، حيث البنادق تسبق الكلمات، تُدفن أصوات النساء خلف جدران الخوف والتهميش، ما بين سلطة متشددة، وحكومة مؤقتة تُدار بذهنية ذكورية، تُداس حقوق النساء السوريات مرة بعد أخرى، رغم أنهن كنّ أول من نزل إلى الشوارع، وأول من دفع ثمن التغيير.
ومنذ بداية الثورة السورية، حملت النساء على عاتقهن مسؤولية التغيير، وانخرطن في العمل المدني والسياسي، بل وفي المقاومة المسلحة أحياناً، لكن مع تعقّد المشهد السياسي وظهور تنظيمات متطرفة، أصبح جسد المرأة وحقوقها ساحة معركة مفتوحة، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الأربعاء.
تشير أمينة عمر، عضوة تنسيقية مجلس المرأة في شمال وشرق سوريا، إلى أن التهديد الأكبر اليوم لا يتمثل في الحرب ذاتها، بل في الفكر الذي يريد سحق صوت النساء وإقصاءهن من المشهد تماماً.
وتضيف: "المرأة السورية اليوم تواجه خطر فقدان كل مكتسباتها، ما تفعله هيئة تحرير الشام في ظل ما يُسمى بالحكومة المؤقتة، هو إعادة إنتاج نفس ذهنية داعش: تهميش، قمع، واستعباد ممنهج".
خريطة انتهاكات لا تنتهي
وثّقت تقارير ميدانية انتهاكات مروّعة طالت النساء في مناطق متفرقة من سوريا، منها الساحل والسويداء، حيث تعرّضت نساء علويات ودرزيات لاعتداءات خطيرة شملت الخطف، والاغتصاب، والإعدام الميداني.
وترى أمينة عمر، أن هذه الجرائم ليست استثناءً، بل امتدادا مباشرا لسياسات "الإبادة النسائية" التي مارستها التنظيمات المتشددة منذ سنوات، قائلة: "ما جرى في السويداء ليس حادثة فردية، بل هو تكرار للمجزرة التي ارتُكبت ضد الإيزيديات عام 2014 على يد داعش".
وبينما يُفترض بالحكومة السورية المؤقتة أن تمثّل بديلاً ديمقراطيًا عن النظام، يرى نشطاء وحقوقيون أنها تبنّت نفس السياسات الذكورية الإقصائية، خاصة في مناطق إدلب وشمال غرب سوريا حيث النفوذ الفعلي لهيئة تحرير الشام.
وتقول أمينة عمر: "مؤتمرات تُعقد دون نساء، قرارات تُتخذ من غرف مغلقة، وتبريرات جاهزة تُقدَّم لكل انتهاك.. المرأة تُغيب عمدًا، وكأنها لم تقاوم، ولم تناضل، ولم تفقد أبناءها وأرضها".
المرأة كجدار مقاومة
في وجه هذا القمع، برزت تجربة نساء شمال وشرق سوريا كواحدة من أبرز نماذج الدفاع الذاتي والتنظيم النسوي، فمن رحم الحرب، تأسست وحدات حماية المرأة (YPJ)، التي أثبتت قدرة النساء على حماية أنفسهن ومجتمعاتهن، ليس فقط من الإرهاب، بل من الذهنية التي تُشرعنه.
تقول أمينة عمر: "ما نحتاج إليه الآن ليس فقط مقاومة بالسلاح، بل مقاومة فكرية وتنظيمية تعيد للمرأة موقعها الطبيعي في قيادة المجتمع".
واختتمت أمينة عمر تصريحاتها بتوجيه نداء إلى النساء السوريات في كل الجغرافيا السورية، لحشد الصفوف وتوحيد الجهود وبناء جبهة نسوية تُفرض على طاولة السياسة والدستور، قائلة: "دون المرأة، لا يمكن بناء سوريا جديدة. لا ديمقراطية، ولا عدالة، ولا مصالحة ممكنة ما لم تكن المرأة شريكة في كل قرار".
ومع استمرار الانتهاكات، يبدو أن المعركة أمام النساء السوريات لا تزال طويلة، لكن التجارب النسوية السابقة أثبتت أن الوحدة والتنظيم هما حجر الأساس في بناء مقاومة ناجحة.